داء متلازمات الوهن العضلي

مجموعة من الحالات الوراثية النادرة الناجمة عن تغير في جين يسبب ضعفًا في العضلات يتفاقم مع الأنشطة البدنية.. قد تتأثر أي عضلات تُستخدم للحركة، بما في ذلك العضلات التي تتحكم في الكلام والمضغ والبلع والرؤية والرمش والتنفس والمشي.
توجد أنواع كثيرة من متلازمات الوهن العضلي الخلقي، وتعتمد على الجين المصاب؛ كما يحدد الجين المتغير عديدًا من مؤشرات هذه الحالة وأعراضها وشدتها.
وتُشخَّص متلازمات الوهن العضلي الخلقي عادةً عند الولادة أو في مرحلة الطفولة المبكرة، وهي حالات تستمر مدى الحياة.
لا يوجد علاج شافٍ لمتلازمات الوهن العضلي الخلقي؛ تكون الأدوية علاجًا فعالاً لأعراض ضعف العضلات في العموم؛ ويعتمد تحديد الدواء المناسب على الجين الذي حُدِّد كسبب لمتلازمة الوهن العضلي الخلقي؛ في حالات نادرة، يُصاب بعض الأطفال بشكل خفيف لا يحتاج إلى علاج.
الأعراض
تُشخَّص متلازمات الوهن العضلي الخلقي عادةً عند الولادة؛ ولكن إذا كانت مؤشرات المرض وأعراضه بسيطة، فقد لا يُكتشف حتى مرحلة الطفولة، أو حتى بدايات البلوغ في حالات نادرة.
تختلف حدة مؤشرات المرض وأعراضه بشكل كبير حسب نوع متلازمة الوهن العضلي الخلقي، وتتراوح بين الضعف الطفيف إلى انعدام القدرة على الحركة؛ وقد تكون بعض الأعراض مهددة للحياة.
والأمر المشترك بين كل متلازمات الوهن العضلي الخلقي هو ضعف العضلات الذي يزداد سوءً مع النشاط البدني.. يمكن أن تتأثر أي عضلات تُستخدم في الحركة، ولكن العضلات الأكثر تأثرًا هي تلك المتحكمة في حركة الجفون والعينين والمضغ والبلع.
أثناء سن الرضاعة والطفولة المبكرة، يحدث فقدان متفاقم لمعظم الحركات العضلية الطوعية الأساسية مع استخدام العضلات.. قد يسبب ضعف العضلات:
- تدلي الجفون وضعف التحكم في العين، مع ازدواجية الرؤية غالبًا.
- صعوبة المضغ والبلع.
- ضعف عضلات الوجه.
- ضعف البكاء.
- تداخل الكلام أو الكلام الأنفي.
- تأخر الحبو والمشي.
- تأخر تطور مهارات الرسغ واليد وأصابع اليد، مثل استخدام فرشاة الأسنان أو تمشيط الشعر.
- صعوبة سند الرأس في وضعية مستقيمة.
- مشكلات في التنفس، مثل قصر النفس وتوقفه لفترات قصيرة، وأحيانًا يتفاقم الأمر بفعل العَدوى أو الحُمّى أو الإجهاد.
حسب نوع متلازمة الوهن العضلي الخلقية، قد تشمل المؤشرات والأعراض الأخرى ما يلي: - التشوهات الهيكلية، مثل تشوهات المفاصل أو العمود الفقري أو القدم.
- ملامح الوجه غير المعتادة، مثل الفك الضيق أو العيون العريضة.
- فقدان السمع.
- الشعور بضعف وخدر وألم، ويكون ذلك عادةً في اليدين والقدمين.
- نوبات الصرع.
- مشكلات الكلى.
- الاختلال المعرفي، وهو نادر الحدوث.
الأسباب
يعتمد نوع متلازمة الوهن العضلي الخِلقي، التي يُسببها أي جين من أكثر من 30 جينًا محددًا، على الجين المعيب.
وتصنَّف متلازمات الوهن العضلي الخِلقي حسب المكان الذي يتأثر في المَوصِل العصبي العضلي، وهي المنطقة التي توفر الإشارات (النبضات) بين الخلايا العصبية والخلايا العضلية لتحفيز الحركة (المشابك العصبية)؛ يمكن أن يحدث انقطاع الإشارات التي تسبب فقدان وظائف العضلات في أماكن مختلفة:
- الخلايا العصبية حيث يبدأ النبض (قبل المشبكية).
- المساحة بين الخلايا العصبية والخلايا العضلية (المشبكية).
- الخلايا العضلية حيث استقبال النبض (بعد المشبكية)، وهو المكان الأكثر شيوعًا.
تحدث بعض أنواع متلازمات الوهن العضلي الخِلقي نتيجة وجود اضطرابات خلقية في عملية الارتباط بالغليكوزيل.. وهي عملية كيميائية معقدة تساهم في تنظيم الاتصال بين الخلايا.. يمكن أن تؤثر اضطرابات عملية الارتباط بالغليكوزيل تأثيرًا سلبيًا على نقل الإشارات من الخلايا العصبية إلى العضلات.
وتنتقل متلازمات الوهن العضلي الخِلقي غالبًا بالوراثة بنمط صبغي جسدي متنحٍ.. وهذا يعني أن كلا الوالدين يجب أن يكونا حاملَين للمرض، لكن لا يشترط بالضرورة أن تظهر عليهما مؤشراته.. يرث الطفل المصاب نسختين من الجين غير الطبيعي؛ واحدة من الأب وواحدة من الأم؛ وفي حال ورث الطفل نسخة واحدة فقط فلن يُصاب بالمتلازمة، لكنه سيصبح حاملاً للمرض وقد ينقل الجين إلى أطفاله.
وفي حالات نادرة، يمكن توريث متلازمات الوهن العضلي الخِلقي بنمط صبغي جسدي سائد، وهذا يعني انتقال الجين المعيب من أحد الوالدين فقط؛ وفي بعض الحالات، تحدث الإصابة بالجين المعيب بشكل عشوائي ولا يكون موروثًا. وفي حالات أخرى، لا يمكن تحديد أي جين.
عوامل الخطورة
يصبح الطفل عرضة لمتلازمة الوهن العضلي الخلقي إذا كان والداه يحملان جينًا من شأنه أن يسبب الإصابة بالمتلازمة، يرث الطفل لاحقًا نسختين من الجين، ولا يُصاب الأطفال الذين يرثون نسخة واحدة فقط من الجين من أحد الوالدين عادةً بالمتلازمة لكنهم سيكونون حاملين للجين.
التشخيص
يُجري الطبيب فحصًا بدنيًا – ويشمل ذلك فحصًا عصبيًا – ويراجع الأعراض والسيرة المَرَضية للتحقق من مؤشرات متلازمة الوهن العضلي الخلقي.. وقد يطلب الطبيب كذلك اختبارات لاستبعاد الحالات الأخرى ذات الأعراض المشابهة.
يمكن للاختبارات الآتية أن تساعد على تشخيص متلازمة الوهن العضلي الخلقي وتحديد مدى شدة الاضطراب.
- اختبارات الدم: قد يكشف اختبار الدم عن وجود أجسام مضادة غير طبيعية تعطل الإشارات بين الأعصاب والعضلات، وبعض اختبارات الدم الأخرى قد تكون مفيدة لاستبعاد الحالات الأخرى ذات الأعراض المشابهة.
- تخطيط كهربية العضل: تخطيط كهربية العضل هو إجراء تشخيصي لتقييم صحة العضلات والخلايا العصبية التي تتحكم فيها؛ ويمكن أن تكشف نتائج تخطيط كهربية العضل عن وجود خلل في الأعصاب أو خلل في العضلات أو مشكلات في نقل الإشارات بين الأعصاب والعضلات.
- تنبيه الأعصاب المتكرر: في دراسة التوصيل العصبي هذه، تُثبَّت أقطاب كهربائية على جلدك فوق العضلات المراد اختبارها؛ وترسل الأقطاب الكهربائية نبضات كهربائية صغيرة لقياس قدرة العصب على إرسال إشارة إلى عضلاتك، ويُختبر العصب عدة مرات لملاحظة ما إذا كانت قدرته على إرسال الإشارات تسوء نتيجة الإرهاق.
- الاختبارات الوراثية: يمكن لهذه الاختبارات تحديد الجين المعيب المسؤول عن متلازمة الوهن العضلي الخلقي ومعرفة العلاجات التي قد تكون مفيدة.
- اختبار تحدي الكولينستيراز: تُعطى أدوية تثبيط الكولينستيراز، مثل بيريدوستيغمين، لتحديد ما إذا كان الإرهاق العضلي يتحسن بالحركة المتكررة.
- اختبارات أخرى: قد تشمل هذه الاختبارات اختبارات وظائف الرئة لتقييم التنفس والأكسجة، أو تخطيط النوم لتقييم التنفس وانقطاع النفس خلال النوم، أو خزعة العضلات لفحص الألياف العضلية.
الاختبارات الوراثية
تتضمن الاختبارات الوراثية فحص الحمض النووي، وهو قاعدة البيانات الكيميائية التي تحمل الإرشادات لوظائف الجسم.. يمكن أن تكشف الاختبارات الوراثية عن وجود تغييرات، وتسمى الطّفرات، في الجينات التي تسبب متلازمات الوهن العضلي الخلقي.. قد يُوصى بإجراء الاختبارات الوراثية لأفراد العائلة.
إن التحدث إلى الطبيب أو اختصاصي الوِراثيات الطبية أو استشاري علم الوراثة، بشأن سبب إجراء الاختبار وكيف قد تؤثر النتائج فيك، خطوة مهمة في خطوات الاختبارات الوراثية.
العلاج
في حالات نادرة، قد لا يحتاج بعض الأطفال المصابين بمتلازمات الوهن العضلي الخِلقي الخفيف إلى العلاج.
الأدوية ليست علاجًا شافيًا، لكن يمكنها تحسين انقباض العضلات وقوتها لدى بعض الأشخاص المصابين بمتلازمات الوهن العضلي الخلقية.. يختلف الدواء الفعال باختلاف نوع الجين المُصاب.. فالأدوية الفعالة في علاج أحد أنواع المتلازمات قد لا تكون فعالة في علاج غيرها، لذلك يُوصى بإجراء اختبارات وراثية قبل بدء تناوُل الأدوية.
قد تشمل خيارات العلاج بالأدوية: “أسيتازولاميد.. ٣، 4-ثنائي أمينوبيريدين (3,4-DAP)، المطروح في الأسواق باسم أميفامبريدين (Firdapse وRuzurgi).. ألبوتيرول.. إيفيدرين.. فلوكسيتين (Prozac).. نيوستجمين (Bloxiverz).. بيريدوستيغمين (Mestinon و Regonol).
العلاجات الداعمة
تعتمد العلاجات الداعمة على نوع متلازمة الوهن العضلي الخِلقي وشدتها. وتشمل الخيارات ما يلي:
- طرق العلاج: قد تساعد طرق العلاج الجسدية والوظيفية والمقوّمة للنطق في الحفاظ على أداء الجسم وظائفه؛ ويمكن أن يوفر العلاج أيضًا أجهزة داعمة، مثل الكراسي المتحركة والمشايات ودعامات اليد والذراع.
- دعم التنفس: قد تؤدي بعض متلازمات الوهن العضلي الخِلقي إلى انقطاع النفس؛ لذا قد يُوصى باستخدام جهاز مراقبة انقطاع النفس، ويمكن استخدام أساليب التهوية غير الباضعة بالضغط الموجب مثل قناع وجهاز الضغط الموجب المستمر في مجرى التنفس لدعم التنفس والأكسجة، وفي بعض الحالات، قد يكون من الضروري استخدام جهاز التنفس الصناعي الميكانيكي مع التَنبيب.
- دعم التغذية: قد تتطلب مشكلات المضغ والبلع تغذية إضافية، التغذية المعوية، والمعروفة أيضًا باسم التغذية الأنبوبية، وسيلة لتوصيل التغذية مباشرةً إلى المعدة أو الأمعاء الدقيقة، قد يُوصي طبيبك بإجراء لوضع أنبوب عبر جلد البطن إلى داخل المعدة (فَغْر المعدة) أو في الأمعاء الدقيقة (فَغْر الصائم).
- الجراحة: في حالات تشوهات العظام الشديدة، كما هو الحال في العمود الفقري أو القدمين، قد يلزم إجراء تصحيح جراحي.
الرعاية المستمرة
من شأن الانتظام في المواعيد الطبية للمتابعة مع فريق من اختصاصي الرعاية الطبية أن يوفر لك الرعاية المستمرة ويساعد على منع حدوث بعض المضاعفات؛ ويمكن أن يوفر لك فريق الرعاية الصحية الدعم المناسب في المنزل أو المدرسة أو العمل.. يمكن أن يسبب الحمل تفاقم أعراض متلازمات الوهن العضلي الخلقية، لذلك تكون المراقبة اللصيقة مطلوبة أثناء الحمل وبعده.