تناقض المجريات وتطفيف المكاييل

بقلم رئيس التحرير: أ/ عمر الشلح

الألم المتفاقم في جسد الأمتين العربية والإسلامية، وتحديدًا في فلسطين الأبية الدامية؛ هل يستحق العلاج؟! نرى جرائم إبادة جماعية، قصف وتخريب وهدم وتهجير، وآلاف الضحايا من الأطفال والنساء والمدنيين استهدفوا ببشاعة وفظاعة وحقد دفين.. جميعنا يدرك أن قتلة الأنبياء وسفاكين الدماء لا يتورعون، ولا يرف لهم جفن، أو تلمع في طياتهم ومضة إنسانية أو ضمير أو شرف أو قيم عندما يمارسون احتلال الأرض وانتهاك الممتلكات والأعراض وقتل واعتقال الآلاف من الجنسين كبارًا وصغارًا.

سؤال قاهر يجب الإجابة عليه بصورة حتمية؛ مضمونه: هل تستحق فلسطين الشقيقة إنشاء تحالف عربي لإنقاذ أهلها وصون مقدساتها واسترجاع أرضها وطرد المحتلين الإرهابيين أو إخضاعهم للمحاكمة الدولية العادلة بإنصاف؟!

لا يخفى أحد بأن الكيان الصهيوني رسم بروتكولاته في وقت مبكر؛ وسعى جاهدًا لتطبيقها خطوة خطوة، وخلفه قوى ظلامية دولية، وحكومات ظاهرة وعميقة، ولوبيات شيطانية وصلت مخالبها كل دهاليز وأروقة صنع واتخاذ القرار الإقليمي والدولي، وشركات متعددة الجنسيات عابرة للقارات، ومنظمات فوق الدِّول.

لقد تداعت الأمم وتكالبت في صف الظلم والجريمة ضد المدافعين عن الأرض والعرض والأملاك والمقدسات؛ بينما من يعوّل عليهم في حماية العرين والذود عن حياض الحق والصواب وقعوا في سبات الكهف المعاصر، إن سلموا من مداهنة المجرم ومجاراته فيما يرتكب ويعبث ويعيث.

قُدِّمَت الكثير من التنازلات العربية بعد مواقف ووقائع متعددة، وصدرت قرارات دولية عديدة، وحتى في ظل ما يجري تطالب الشعوب العربية بما نصت عليه الشرعية الدولية من قرارات ولو كانت مجحفة؛ فما الذي نتج عن تلك المفاوضات المزعومة لعقود من الزمن؟! غير استهلاك الوقت وتدرج الكيان الصهيوني في تنفيذ خططه، واستعطاف من أمكنه استدراجهم، واستخدام الضغوط والقيود ضد شخصيات ورموز، ولي أذرع للمشاركة في تنفيذ مبتغاه ومراميه.

والله حرام أن تسفك دماء المسلمين في جزء من أطراف الوطن العربي المسلم؛ والجزء الآخر يقيم الحفلات الغنائية والمسارح الكرنفالية ومعارض الفنون الجميلة، وكأن الدماء التي تجري عبارة عن مقطع في فيلم رعب هوليودي للمتعة والترفيه.. نصف مليون يمني ونيف لقوا ربهم جراء نزوات سياسية ومناكفات وأحقاد تاريخية بأيدي أبناء الجلدة وأشقاء، بعد أن صنعوا مبررات زائفة دعيّة، وذروا الرماد على أعين العوام من خلال وسائل الإعلام، وأدوات رخيصة حولت الأرض الطيبة إلى ركام وأشلاء ورماد، والشعب المؤمن الحكيم إلى قطعان جائعة، ومدن مظلمة، وأرياف يابسة، ونفوس بائسة، ووحوش مفترسة تحكمها قوانين الغاب، تحولت بفعلهم موارد الدولة من خدمة الشعب والوطن لخدمة أشخاص انتهازيين وطوائف وإثنيات بالية.

الأمم المتحدة بدورها تقول ما لا تفعل، وتكيل بمعايير مزدوجة، وتصدر قرارات تطبق على بعض دون آخر، منها قرارات مخزية مخجلة كالتي تتضمن العقوبات على رموز تحت التراب وأرواح بين يدي بارئها، وتعاقب شخصيات بريئة لتجامل بها “جماعات وأنظمة تجمعها بهم مصالح وأطماع”.

فهل يمكن أن نتجاوز مرحلة الغثائية ونتعاون في نصرة الحق، وتصويب المخطئين في صفوفنا، واختبار عدالة المحاكم الدولية في قضايا الإجرام بحق الشعوب المحتلة والمتنهكة؟! والنظر بعين المسؤولية والواجب تجاه بعضنا ومقدساتنا وشعوبنا وأوطاننا!.. فربما يكون الدور القادم على صامت أو مجاري أو مداهن.. ولله الأمر من قبل ومن بعد.

Exit mobile version