صحة

تسرب السائل الدماغي النخاعي

يحيط السائل الدماغي النخاعي بالدماغ والحبل النخاعي ويوفر لهما دعمًا لحمايتهما من الإصابة، توجد ثلاث طبقات تحيط بالحبل النخاعي والدماغ، وفي حال وجود ثقب أو تمزق في الطبقة الخارجية، يتسرب السائل الدماغي النخاعي، إذ يؤدي الثقب أو التمزق الذي يحدث في هذه الطبقة الخارجية، التي تُعرف بالأم الجافية، إلى تسرب بعض السوائل.
يوجد نوعان مختلفان من تسربات السائل الدماغي النخاعي: تسربات السائل الدماغي النخاعي الفقري وتسربات السائل الدماغي النخاعي القحفي، ولكل نوع أعراض وأسباب وعلاجات مختلفة.. يحدث تسرب السائل الدماغي النخاعي الفقري في أي مكان من العمود الفقري، وأكثر أعراض تسرب السائل الدماغي النخاعي الفقري شيوعًا هو الصداع.. أما تسرب السائل الدماغي النخاعي القحفي فيحدث في الجمجمة، ويسبب غالبًا ظهور أعراض مثل تسرب سائل شفاف من الأنف أو الأذن.
قد تُشفى بعض تسربات السائل الدماغي النخاعي بالراحة في الفراش والعلاجات التحفظية الأخرى؛ وتتطلب الكثير من حالات تسربات السائل الدماغي النخاعي استخدام لصيقة جلدية لتغطية الثقب أو إجراء جراحة لعلاج التسرب.

الأعراض
تختلف الأعراض باختلاف أنواع تسريبات السائل الدماغي النخاعي بين نخاعية وقحفية.
(١) تسرُّبات السائل الدماغي النخاعي من العمود الفقري: أكثر أعراض تسرب السائل الدماغي النخاعي الفقري شيوعًا هو الصداع، ويتسم هذا الصداع غالبًا بأنه:

  • يسبب ألمًا في مؤخرة الرأس.
  • يتحسن عند الاستلقاء.
  • تتفاقم حدته عند الوقوف.
  • قد يبدأ أو تتفاقم حدته عند السعال أو الإجهاد.
  • يبدأ فجأة، ولكن في حالات نادرة؛ وحين يحدث ذلك يُطلق عليه صداع الرعد.
    قد تشمل الأعراض الأخرى لتسرب السائل الدماغي النخاعي من العمود الفقري ما يلي: “ألم في العنق أو الكتف.. طنين في الأذن.. تغيرات في السمع.. الدوخة.. الغثيان أو القيء.. تغيرات في الرؤية.. تغيرات في السلوك أو التفكير بشكل سليم”.
    (٢) تسرب السائل الدماغي النخاعي القحفي: قد تشمل أعراض تسرب السائل الدماغي النخاعي القحفي ما يلي: “إفراز سائل شفاف من أحد جانبي الأنف أو الأذن.. فقدان السمع.. الإحساس بطعم معدني في الفم.. التهاب السحايا”.

الأسباب
١) قد يكون تسرُّب السائل الدماغي النخاعي الفقري ناتجًا عن: “البزل النخاعي، المعروف أيضًا باسم البزل القَطَني.. حقن التخدير فوق الجافية في العمود الفقري لتخفيف الألم، كما هي الحال أثناء المخاض والولادة.. حدوث إصابة في الرأس أو العمود الفقري.. النتوءات العظمية بطول العمود الفقري.. تشوهات الأم الجافية حول الجذور العصبية في العمود الفقري.. وجود وصلات غير طبيعية بين الأم الجافية والأوردة، وهي تُعرف بالنواسير الوريدية الناتجة عن السائل الدماغي النخاعي.. جراحة سابقة في العمود الفقري”.
٢) قد يكون تسرُّب السائل الدماغي النخاعي القحفي ناتجًا عن: “إصابة في الرأس.. جراحة في الجيوب الأنفية.. زيادة الضغط في الدماغ.. تشوهات في الأذن الداخلية”.. وفي بعض الأحيان، يظهر تسرب السائل الدماغي النخاعي بعد أحداث طفيفة للغاية، مثل ما يلي: “العطاس.. السعال.. الإجهاد الناتج عن التبرز.. رفع أجسام ثقيلة.. السقوط.. تمارين الإطالة.. ممارسة التمارين الرياضية”.
في حالة عدم خضوع المريض لأي إجراء أو جراحة قبل بداية الإصابة بتسرب السائل الدماغي النخاعي، فيُطلق على الحالة تسرب السائل الدماغي النخاعي التلقائي.

عوامل الخطورة
تشمل عوامل خطر الإصابة بتسرب السائل الدماغي النخاعي الفقري ما يلي:

  • الخضوع لجراحة أو إجراء سابق في العمود الفقري أو حوله.
  • اضطرابات النسيج الضام، مثل متلازمة مارفان أو متلازمة إيلر دانلوس، التي تسبب كذلك غالبًا فرط حركة المفاصل والانخلاعات.
    تشمل عوامل خطر الإصابة بتسرب السائل الدماغي النخاعي القحفي ما يلي: “الخضوع لجراحة سابقة في الجمجمة أو حولها.. السُمنة.. انقطاع النفس الانسدادي النومي.. إصابة الرأس.. إصابة قاعدة الجمجمة بورم.. إصابة قاعدة الجمجمة أو الأذن الداخلية باضطرابات”.

المضاعفات
في حال ترك تسرُّب السائل الدماغي النخاعي القحفي بدون علاج، قد تحدث مضاعفات؛ ومن المضاعفات المحتملة الإصابة بالتهاب السحايا واسترواح الرأس الضاغط، وهو حالة مَرَضية تحدث عندما يدخل الهواء إلى الفراغات المحيطة بالدماغ.. قد تؤدي تسرُّبات السائل الدماغي النخاعي الفقري التي تُترك دون علاج إلى تكوين أورام دموية تحت الجافية أو نزف على سطح الدماغ.

التشخيص
في تسرُّب السائل النخاعي الفقري يبدأ الطبيب على الأرجح بطرح أسئلة حول التاريخ المرضي للمصاب وإجراء فحص بدني؛ وقد تتضمن اختبارات تشخيص تسرب السائل الدماغي النخاعي الفقري ما يلي:

  • التصوير بالرنين المغناطيسي باستخدام الغادولينيوم: ويستخدم التصوير بالرنين المغناطيسي مجالاً مغناطيسيًّا وموجات الراديو لإنتاج صور مفصلة للدماغ والحبل النخاعي وغيرهما من أجزاء الجسم؛ ويسهِّل التصوير بالرنين المغناطيسي باستخدام الغادولينيوم رؤية التغيرات في النخاع الشوكي الناتجة عن تسرب السائل الدماغي النخاعي؛ والغادولينيوم مادة تُعرف بعامل تباين، وهي تساعد على توضيح أنسجة الجسم في التصوير الطبي.
  • تصوير الصهاريج بالنظائر المشعة: يتضمن هذا الاختبار قياس ضغط السائل الدماغي النخاعي ثم حقن مادة كيميائية في الفراغ المحيط بالحبل النخاعي؛ وتُلتقط بعد ذلك صور للمنطقة المستهدفة عدة مرات خلال مدة 24 ساعة؛ ترصد هذه الصور أي تغيرات في تدفق السائل الدماغي النخاعي قد تشير إلى وجود تسرب.
  • تصوير النخاع: يستخدم اختبار التصوير هذا صبغة تباين والأشعة السينية أو التصوير المقطعي المحوسب لأخذ صور تفصيلية للعمود الفقري؛ ويتميز بقدرته على كشف الموقع الدقيق لتسرب السائل الدماغي النخاعي، كما يساعد على تحديد أنسب خطة للعلاج.
  • البزل النخاعي: يُسمَّى هذا الاختبار أيضًا بالبزل القَطَني، ويُجرى عن طريق إدخال إبرة في العمود الفقري لقياس ضغط السائل الدماغي النخاعي داخله، ويُجرى عادةً بوصفه جزءً من اختبار آخر خاص بتسرب السائل الدماغي النخاعي؛ على سبيل المثال: يكون إجراء البزل النخاعي مطلوبًا عند البدء في تصوير النخاع أو تصوير الصهاريج.
    وفي تسرُّب السائل النخاعي القحفي؛ يبدأ الطبيب على الأرجح بطرح أسئلة عن تاريخ المريض الطبي وإجراء فحص بدني له، يشمل تقييم الأنف والأذنين عن قرب؛ وقد يُطلب منك الانحناء إلى الأمام لفحص مدى وجود أي إفرازات أنفية، وحال وجودها قد تُجمَع وتُرسَل إلى مختبر لاختبارها؛ ويمكن أن تشمل اختبارات تشخيص تسرب السائل النخاعي القحفي ما يلي:
  • التصوير بالرنين المغناطيسي باستخدام الغادولينيوم: يمكن استخدام التصوير بالرنين المغناطيسي للمساعدة على الكشف عن تسرب السائل الدماغي النخاعي داخل الدماغ؛ ويساعد استخدام عامل التباين غادولينيوم عند إجراء التصوير على إبراز التشوهات في الدماغ بصورة أفضل، بغرض تحديد مصدر تسرب السائل الدماغي النخاعي بدقة.
  • قياس طبلة الأذن: يستخدم هذا الاختبار جهازًا يدويًّا يُسمى بمقياس الطبلة، ويُوضع المسبار الخاص بمقياس الطبلة داخل الإذن لقياس وظائف الأذن الوسطي والكشف عن السوائل؛ فوجود سوائل واضحة تخرج من الأذن هو أحد أعراض الإصابة بتسرب السائل الدماغي النخاعي.
  • التصوير المقطعي المحوسب الصهريجي: يُعد هذا الاختبار المعيار الذهبي لتشخيص الإصابة بتسرب السائل الدماغي النخاعي القحفي وتحديد موضعه؛ وهو يستخدم أشعة تصوير مقطعي محوسب وصبغة تباين لتحديد مواضع تسرب السائل الدماغي النخاعي في أي مكان داخل قاعدة الجمجمة؛ ويتميز بقدرته على كشف الموقع الدقيق لتسرب السائل الدماغي النخاعي، كما يساعد على تحديد أنسب خطة للعلاج؛ يمكن أيضًا استخدام التصوير المقطعي المحوسب عالي الدقة للحصول على صور توضح تفاصيل أكثر بكثير.

العلاج
تتحسن بعض حالات تسرب السائل الدماغي النخاعي بالراحة في الفراش فقط، لكن معظمها يحتاج إلى علاج.. قد تشمل علاجات تسرب السائل الدماغي النخاعي من العمود الفقري ما يلي:

  • رقعة دموية فوق الجافية: يتضمن هذا العلاج أخذ عينة من دم المريض، ثم حقنها في القناة الشوكية؛ تكوّن خلايا الدم جلطة قد تشكِّل بقعة تغطي المنطقة التي يتسرب فيها السائل الدماغي النخاعي.
  • لواصق الفبرين: نوع خاص من الغراء مصنوع من مواد موجودة في البلازما البشرية تساعد على تخثر الدم؛ ويمكن استخدامها وحدها أو مختلطة بالدم؛ حيث يجري حقنها في القناة النخاعية لتغطية الثقب وإيقاف تسرب السائل الدماغي النخاعي.
  • الجراحة: تحتاج بعض أنواع تسرب السائل الدماغي النخاعي إلى جراحة؛ إلا أن الجراحة لا تُجرى إلا في حال عدم نجاح الخيارات العلاجية الأخرى وعند معرفة موضع التسرب بدقة؛ هناك العديد من أنواع العلاجات الجراحية لعلاج حالات تسرب السائل الدماغي النخاعي؛ يمكن أن تتضمن الجراحة إصلاح تسرب السائل الدماغي النخاعي بالغُرز الجراحية أو الرُقَع المصنوعة من أجزاء من العضلات أو الدهون.
    الإصمام عبر الأوردة: يُستخدم هذا الإجراء طفيف التوغل لعلاج الناسور الوريدي للسائل الدماغي النخاعي فقط؛ الناسور الوريدي للسائل الدماغي النخاعي هو وصلات غير منتظمة تحدث في العمود الفقري وتسمح للسائل الدماغي النخاعي بالتسرب إلى الأوعية الدموية؛ يعمل الإصمام عبر الأوردة على إيقاف التسرب من خلال لصق الناسور وإغلاقه من داخل الوريد المصاب.
    تتحسن بعض حالات تسرب السائل الدماغي النخاعي القحفي؛ مثل التي تسببها الإصابة الجسدية؛ بالتدابير التحفظية، مثل: “الراحة في الفراش.. رفع مستوى السرير عند الرأس.. تناول مُليّنات براز للوقاية من الإجهاد.. تتطلب حالات تسرب السائل الدماغي النخاعي القحفي الأخرى جراحة ترميم”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى