أ/ عمر الشلح.. رئيس التحرير
من العيب القاهر أن تسلب إرادة الشعوب، ويخنع قادتها ونخبها لإملاءات الغير، ومن العته والسخف أن يدوروا في فلك مصالح الآخرين، متناسين المهام والواجبات الوطنية والمسؤوليات الخدمية اللازمة والضرورية للتحرر والاستقلال والبناء والتنمية؛ وبالأخص مَن صنع أسلافهم مجد العرب التليد، وبلغوا مغرب الشمس ومشرقها نفوذًا وعدلا وحُكمًا وحكمة.
نتساءل: ما هي الصورة المستقبلية لليمن دولة وشعبًا بنظر ورؤية هؤلاء العابثين المصابين بعمى البصائر؟! النظرة البعيدة المستقبلية التي توجه العمل وتحدد الاتجاهات الاستراتيجية.. العامل الأساس لتحقيق النجاح والاستمرارية، والتي بدونها لا يمكن تحديد الخطوات والتخطيط اللازم لتحقيق تطلعات الشعب والمضي قدمًا نحو مزيد من تحقيق الأهداف السبتمبرية المنشودة والحفاظ على حيويتها وبقائها وتحديثها وتطويرها ونمائها النافع والزيادة عليها إن تطلب الأمر.
إن وجود رؤية واضحة ومزمّنة ومتدرجة بفعالية يسهم في توجيه وتوحيد الجهود المكثفة، والتركيز على المسار الصحيح، وتوفر توجيهًا وإرشادًا لضبط أعمال كل المؤسسات، وتسهم في بناء قاعدة من الدعم والولاء بين الموظفين والدولة بكل المجالات؛ في ظل القيم والمبادئ الأصيلة التي تحكم السلوكيات والقرارات؛ بالتزامن مع خلق ثقافة تنظيمية مضبوطة بالقيم والمعتقدات المشتركة والمقننة لاتساق العمل وتحقيق التميز، والخروج من مستنقع الضعف والوهن وأوحال المصالح الذاتية والآنية، وعدم الرضوخ لإملاءات وضغوط الدخلاء والمغرضين والأعداء، بجانب القدرة على التكيف الإيجابي مع التحولات والتغيرات في البيئة الداخلية والخارجية بما يحقق المصلحة العامة الفعلية الملامسة لاحتياجات الشعب وآماله وتطلعاته.
بعد إتمام الرؤية واكتمالها يأتي دور الإرادة التي تعني القدرة على اتخاذ القرارات واتباعها بالتزام وتصميم.. فهي العامل الأساس في النجاح والتقدم، والقوة الدافعة التي تجعل الجميع يسعى جاهدًا لتحقيق الأهداف الوطنية والطموحات الشعبية، وهي التي تعطي القوة للتغلب على التحديات والمعوقات والصعاب.
فالإرادة قوة داخلية تحمُّليَّة مسؤولة، وقدرة عقلية ونفسية دافعة، مصحوبة بالتصميم والعزيمة والتفاني والجدية والإصرار والالتزام، والتحمل قدر الإمكان لتحقيق الأهداف على ضوء الرؤية الحكيمة الدقيقة والعلمية الممنهجة والملائمة.
ويأتي دور الإدارة بعد إتقان الرؤية وتوفر العزم والإرادة لتحقيق الأهداف؛ وهي العمليات التي تضم التوجيه والتخطيط والتنظيم والتنسيق والاتصال والدعم والتشجيع لكوادر الدولة ومواطنيها، والرقابة على الموارد المادية والبشرية بهدف تحقيق أقصى النتائج بأفضل الطرق وبأقل التكاليف الممكنة الضامنة للحرية والتقدم والإنتاج والتنمية والاستقرار والاستقلال التام، بعيدًا كل البعد عن التبعية والرجعية والتواكل والتخاذل والتسويف.. وهذا يستدعي قيام كل الجهات الحكومية بتوفير المعلومات اللازمة للمواطنين بشكل واضح وشفاف ومفهوم؛ لضمان المشاركة الفعالة واتخاذ القرارات المناسبة، وتحقيق الشفافية والمساءلة، وتطوير القدرات وتعزيز الابتكار والابداع؛ مما يساهم في تحسين جودة الخدمات التي يقدمها الجهاز الحكومي، وتحقيق معايير الأداء المرتفعة، وإطلاع الشعب على كل المستجدات- كونه صاحب السلطة وصانعها والمستفيد الأول منها- لتعميق الثقة وتحصيل التعاون والرضا.
فهذا ما تحتاجه اليمن من أبنائها الصادقين، لتحصيل القوة، واستعادة المكانة التي يجب أن يكون فيها وطن حضاري وشعب عريق، صنع الأمجاد وبنى قواعد الحضارة المتينة، ولديه اليوم من الطاقات والإمكانات الكثير؛ لو استفاد منها وأحسن استخدامها سيصنع حاضر ومستقبل ليس لليمن والعرب فقط؛ بل للبشرية جمعاء.. فثقوا أولا بالله؛ ثم بأنفسكم، واستكشفوا مكامن الخير والصدق في نفوسكم، واصقلوا مهاراتكم ووجّهوها في الطريق الإيجابي السليم، وسيكون الخير بإذن الله وفضله.. خواتيم مباركة..