يقصد بالإنجاز الماهر هو وصول اللاعب إلى أعلى مستوى من الأداء، وهو يعكس ما يمكن أن تقوم به الأجهزة الحركية للإنسان؛ وهناك العديد من العوامل التي تسهم في الإنجاز المهاري للفرد ومنها: “الخبرة والمرونة في مرحلة الطفولة، العوامل الوراثية، التأثيرات البيئية؛ الأهداف الشخصية”.
وعند ملاحظتنا لحركات الجيمناستك على الأجهزة وحركات الأرضية فإن أول ما يشد انتباهنا: الحركات المهارية الدقيقة التي قد تصل في مستوى أدائها الدرجات النهائية القصوى أو اقل منها بقليل؛ والملاحظة أن الأداء الماهر ينحصر في بعض اللاعبين، وليس جميع من تعلم المهارة، ويعود هذا التميز إلى الموهبة الخاصة من قدرات جسمية أو خبرات حركية.
ويرى بعض الخبراء أنه لا يمكن أن يكون جميع اللاعبين بنفس الدرجات العالية من أداء(الانجاز)، أي أن الانجاز يعتمد على قدرة الفرد، وعلى الخزن في الذاكرة الحركية، وهذا يعني التجارب السابقة: (تجارب الطفولة الحركية)، إذ أن قمة الأداء الرياضي يعكس صورة دقيقة لأعقد وأرقى ما يمكن أن تقوم به المنظومة الحركية البشرية.
إن عملية الإدراك والتحليل في الدماغ والايعازات التي تصدر منه إلى العضلات العامة، ومن خلال التكرار النافع سيتحسن سرعة الأداء ودقته، وبجهد مقتصد، وتحكم حركي عالي للحالات غير المتوقعة التي تحصل عند الأداء؛ وهذا ما يسمى بالإنجاز الماهر.
ويرى البعض بأن الانجاز الماهر يعني: التحكم بأداء المهارة وفق جميع المتغيرات المحيطة به كالأجهزة والبيئة الخارجية، إذن فالذي يستطيع أن يصل إلى الانجاز الماهر هو بطل رياضي (تتوفر فيه صفات البطولة) أما بالنسبة إلى الرياضي الماهر؛ فيستطيع القول بأنه الرياضي الذي يتمتع بنمط جسمي مناسب لنوع الرياضة التي يمارسها حتى تصبح برامج التدريب والممارسة لها جدوى وعائد مضمون.
هناك عدة نقاط يجب مراعاتها للوصول إلى الانجاز الماهر (النتائج المثالية) هي: أن المهارة يجب أن تدرب بظروف مختلفة (ظروف مكثفة) و(تدريب توزيعي)، ومن المبرهن عليه أن التدريب الموزع يؤدي إلى تأثير ايجابي في الإنجاز أكثر من التدريب المجتمعي، ومن الجهة الثانية أشارت اختبارات الاحتفاظ بالمهارة إلى فروق بسيطة في الانجاز لصالح التدريب المجتمعي.
المهارة الفردية غير كافية للتحسن في الأداء؛ فبدون معرفة النتائج والولع والانتباه، ومعنى المهارة للتعلم، والأهداف وقصد التعلم، والاستعداد له، وبعض درجات العلاقة بين ظروف الممارسة والظروف الحقيقة، فإن المهارة يثبت مستواها المطلوب.
التعلم الفائق أو ممارسة المهارة المتعلمة سابقا يؤدي إلى احتفاظ جيد لما هو سبق وتعلمه.. المهارة المتعلمة جيدًا هي أقل عرضة للفقدان عن طريق تغير الظروف؛ فالمتعلم في ظروف تعليمية مختلفة ممكن أن يصل إلى المستوى العالي للمهارة.. كما أن التعزيز يساهم في الوصول إلى ما يزيده؛ علمًا أن التعزيز العشوائي أكثر تأثيرًا إذا كان مستمرا وفعالا من التعزيز الثابت.
الاندفاع العالي يضمن التقدم في المهارات المعقدة؛ ممكن أن يبلغه الفرد باندفاع أو باعث متوسط، ومع المهارة فإن الأفراد ذوي البواعث المتوسطة يكونون أفضل.
الأهداف المعتدلة الصعوبة تؤدي إلى إنجاز لأهداف أكبر منها.. التعلم يتأثر بالتجارب السابقة، والنقل الايجابي ممكن أن يحدث ولدرجة أكبر عندما يكون هناك تشابه بين عناصر الأداء وبين مؤثراتها أو استجابتها ذات العلاقة.
عندما نؤدي حركة تطورت لدينا بشكل فعال، وعادة ونحن نطور هذه المهارات بواسطة التحفيز القوي نشعر بالسعادة.. وهنا يجب القول بأنه كلما زاد الفرد من قدراته على الأداء والانجاز العالي كلما زاد دافعه وتحفزه للمثابرة بذلك يزيد استثمار كل طاقاتهم في الأداء.
هناك متغيرات أخرى تظهر في الإنجاز العالي حيث أن الأفراد في هذه المرحلة يتعلمون التعامل مع المثيرات بسرعة مقارنة ببداية التعلم، إنهم عادة يقللون المثيرات، ويختصرونها إلى أقل مثيرات ممكنه تخدم الأداء.
إن المثيرات مرتبطة مع الذاكرة الحركية وأيضًا البرامج الحركية، وعمل الحس الحركي الأوتوماتيكي.. زيادة الخبرة تولد التعرف والحدس المستقبلي والتوقع، وعموم هذه الأشياء تزيد بسرعة من سرعة ودقة الاستجابة المطلوبة.
في مرحلة الخِبرة فإن الاختلافات الفردية تكون كبيرة جدًا، وخصوصًا في المهارات المفتوحة (ذات المحيط المتغير)، بسبب الاختلاف في الأحجام والأشكال والأزمان والتوقعات…
وهذا يعني أنهم ربطوا بعض المهارات مع بعض الكلمات، وعادة يستعمل اللاعبون ذوي المستوى العالي الكلمات التالية لغرض:
“المتعة وخيبة الأمل؛ التحفيز الذاتي، والتكلم مع النفس لشحن الهمم؛ التدريب الذهني؛ أشياء للتركيز عليها والأخطاء لغرض تفاديها، واستعادة تفاصيل الحركات؛ ومحاولة استعادة واستنكار الأشكال الحركية”.
أما المدرب فانه يستخدم الكلمات التالية في: “إعطاء المتعلم الشكل العام والفكرة العامة للمهارة الحركية.. جلب انتباه المتعلم إلى المعطيات التي يجب ان يركز عليها.. اقتراح تصحيح الأخطاء بواسطة أداء بعض الحركات المشابهة للمهارة.
ويحتاج المدرس إلى توضيح أهمية تعلم هذه المهارة بواسطة الكلام لغرض تشجيع الأفراد وتحفيزهم على الأداء، وعادة يحول المدرس الأداء لمهارة إلى كلمات يكون الهدف منها إعطاء المتعلم الفكرة الواضحة للتحرك.
المتعلم يمكن أن يُكوِّن صورة جزئية خاصة به، يحاول أن يترجمها إلى حركة أن رامي كرة البيسبول يقول أن له صورة حول مسار الكرة تجاه الهدف، قبل أداء الضربة؛ فهو يرى بعقله وليس بعينه، وعادة يكون للمؤدي صورة واضحة للأداء القادم.
أن قاموس (warren’s) لعلم النفس عرف الصورة تلك بأنها: خبرة معينة تعطي نسخة جزئية، ولها حس واقعي معتمدًا على خبرات حسية ماضية، وبدون وجود الحافز الأصلي؛ إن كمية التصور في التعلم الحركي والأداء الحركي ليس واضحًا لحد الآن.
ولكن من الملاحظ من خلال التجارب البحتة بأن التركيز على الهدف هو الإجراء السليم والفعال في هذا المجال؛ ولكن الصورة الواضحة للأداء الناجح، والذي يقود الأداء بالشكل السليم مهم جدًا في هذا المجال؛ ولكن البحوث لم تتمكن من الخروج بأدلة ثابتة.
اختبار عينة من الأفراد في التصور الذهني والتدريب عليه؛ لا يفيد في الحركات الدقيقة مثل الكتابة والمهارات التي تحتاج إلى دقة حركية في الأصابع؛ كما إن استخدام نفس الطريقة القديمة في التصور الذهني واختبار التعلم قابل للمناقشة؛ ولهذا لم يُخْرَج بنتائج إيجابية لأن التركيز على الاختبارات كان في نوعية الكتابة وأُهمِلت سرعة الكتابة.
هناك خصائص تساعد المدرس أو المدرب للحكم على الهدف الذي يحاول تحقيقه في مجال المهارات الحركية، أبرزها:
التآزر: أهمية الإيقاع الحركي والتناسق والتفاعل بين المثيرات والاستجابة تكون واضحة عندما تتوفر هذه الصفة في الأداء.
السرعة: كثيراً ما تؤدي المهارة النفس حركية بسرعة؛ فالكاتب الماهر على الآلة الطابعة يكتب عددًا كبيرًا من الكلمات في الدقيقة إذا ما قورنت بغيره.
الدقة: أهم ما يطلب في المهارة أن تكون دقيقة؛ فالدقة تدل على المهارة.
القدرة على الأداء تحت الضغوط: فالرياضي الكفء قادرًا على الأداء معها؛ والضغوط تتمثل بضغط الزمن والتعب واللحظات الحرجة أو وجود المشاهدين.
التوقيت: الكثير من المهارات (كالمبارزة بالسف) تتطلب بالإضافة إلى ما سبق مراعاة جانب التوقيت؛ فلا يكفي أن تكون حركات الفرد سريعة وحسنة التآزر ذلك إن نجاحها يعتمد إضافة لذلك على توقيتها بالنسبة لحركات الخصم.
الإستراتيجية: ففي المباريات الرياضية كالمصارعة مثلا يتضمن جانب معرفي هام؛ إذ أن المصارع الماهر هو الذي يستطيع أن يستخلص أسلوب خصمه، ويستطيع أن يصدر النمط السلوكي المناسب للسباق، وأن يتفوق عليه.
التكيف: هو السيطرة على الحالات غير المتوقعة، (إذ علينا اعتماد قواعد التعلم مع التحويل البيئي المناسب والتكيفات التدريبية).
شكل المهارة: يجب أن يتناسب الشكل مع الجهد المبذول؛ فالمهارة تساوي السرعة في الدقة في الشكل في التكيف.
منحنيات التعلم تستطيع أن تقيس تطور الانجاز وترسمه، والإنجاز الماهر سوف يساعد الرياضي على أن تكون ذو براعة، (أي بأداء متميز ومتحكم ومتجدد)، وفق ما تتطلبه المهارات ويقصد بذلك: ابتداع موقف أو حركة آنية؛ أي في نفي الموقف لتكون البراعة.
إذا افترضنا أن مجموعة من الرياضيين يؤدون طريقة واحدة لفن الأداء في ممارستهم رياضة واحدة؛ فإن مسارات (القوة والسرعة والمسافة) يكون لها (منحنى دالة) ذو سمات واحدة؛ إلا أن القيم المطلقة لهذه المنحنيات لا يتطابق بعضها مع البعض الآخر؛ لاختلاف درجة إجادة فن الأداء المستخدم؛ وعند مطابقة المسارات أعلاه للاعب الذي أجاد الأداء بالمسارات الميكانيكية الصحيحة؛ يكون ماهرا في إنجازه.
يمكن قياس الانجاز الماهر من خلال المنحنيات: فالدراسات التجريبية للمجموعات (الفرق في المحاولات والنقاط وغيرها).. قياس التعلم بالإنجاز لقياس النتيجة النهائية.. يمكن قياس قمة الإنجاز بالمعدل.. قياس الفروق بين المستوى الابتدائي والمستوى النهائي.
وعن العوامل المؤثرة في الإنجاز الماهر فهي تتمثل بالفاعلية في الأداء التي تولد الاندفاع والتحفيز العالي.. ثم تحويل المهارات إلى رموز لها دلالتها أو لغة كلمات مفهومة في الدماغ.
كذلك التصور الذهني عند الأداء المهاري العالي، وهي خبرة معينة تعطي نسخة جزئية، ولها حس واقعي معتمدًا على خبرات حسية ماضية وبدون وجود الحافز الأصلي.
متغيرات أخرى تتعلق بالإنجاز العالي تميز المثيرات، تقليل المثيرات واختصارها إلى اقل ما يمكن يخدم الأداء؛ إضافة إلى أن زيادة الخبرة تولد الحس المستقبلي والتوقع، وأن عموم هذه العوامل تزيد من سرعة ودقة الاستجابة المطلوبة وفي مرحلة الخبرة؛ فإن الاختلافات الفردية تكون كبيرة جدًا وخصوصًا في المهارات المفتوحة (ذات المحيط المتغير) وذلك بسبب الاختلافات في الأحجام والأشكال والأزمان والأوقات…الخ.
معدل الأداء: وهو إن الحركة يمكن أن يزداد معدل سرعتها بدون تأخر لرد الفعل، كما أن سرعة الاستجابة تزداد بالتمرين، وذلك بتحويل التحكم من الإحساسات الحركية إلى التحكم التلقائي والأوتوماتيكي الداخلي؛ كذلك تزداد سرعة الاستجابة نتيجة التوقع الجيد والعالي.
العوامل المشتتة (التشويشات): وهي أن المتعلم ذو المستوى العالي لا يتأثر بالتشتت والتشويش إلا قليلا (كالتعود على عدم المبالاة بالجمهور)، أي عزل المثيرات.
تأثير الوحدة التدريبية: ففيها يكون التركيز على تشخيص الأخطاء الصغيرة وبالتالي التدريب على تلافيها؛ كذلك تصحيح الأخطاء الثابتة والراسخة لدى المتعلم ذو الإنجاز العالي، ويتم ذلك من خلال شرح المدرس أو المدرب أو عرض الخطأ أو عرض فلم يظهر الأخطاء؛ ويتم تصحيح الأخطاء من خلال: توجيه المتعلم على الخطأ فقط؛ وشرح ذلك الخطأ وأسبابه ونتائجه؛ والتدريب على تحسين الأداء (تصحيحه)، وذلك بتكرار أداء المهارة كاملة مع التصحيح بحيث يكون الأداء متماسكا وعند التكرار يقوم المتعلم بالأداء بشكل أوتوماتيكي.
في هذه الخطوات الثلاثة فان الانتباه والتركيز سوف لن يكون على الأجزاء الصحيحة الباقية من المهارة؛ بل على الخطأ فقط…. وبذلك يكون التقدم في التعلم سريعا جدًا.
التحليل الذاتي والفردية: فكل رياضي له طريقته الخاصة بالأداء أو ما يسمى بــ (الاستايل) وهذا لا يمنع من أن العديد من الأبطال لديهم ستايل معين؛ لكنه لا يخلو من الأخطاء التي يتم اكتشافها من قبل المحللين الرياضيين عن طريق تصوير الحركات أو المهارات، واكتشاف تلك الأخطاء لغرض معالجتها.
وفي الأخير؛ التعبة الذهنية: لها فوائد كثيرة كاسترجاع الإجراءات السابقة للأداء؛ فهي تمنع وتحد من النسيان في الفترات بين الوحدات التدريبية.