كتابات وآراء

كانت ولا تزال انتفاضة الثاني من ديسمبر ضرورة وطنية حتمية

نادى الزعيم الشهيد علي عبدالله صالح بالانتفاضة الشعبية كضرورة حتمية استدعتها الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية، داعيًا كل أبناء الشعب ومؤسساته الرسمية للهَبّة بشكل كامل ضد المليشيات الحوثية بعد أن نفد الصبر، وبلغ السيل قمة الربى، وظهرت الأهداف الحقيقية للمليشيات وانقلابها التام على جوهر النظام الجمهوري، وترسيخها للطائفية والطبقية، وتحريفها للمناهج الدراسية، وتدميرها للمؤسسات العامة والملكيات الخاصة، وانتهاكها للمساجد والجامعات، وممارستها للظلم والكهانة والبغي والعدوان والإقصاء والتهجير، وتعمدها إعادة عجلة التأريخ إلى الوراء، بالتزامن مع الانتقام من الشعب اليمني وثوار ٢٦ سبتمبر الأبطال الذين “رفضوا الحكم الإمامي الكهنوتي وأسسوا النظام الجمهوري على قاعدة خدمة الشعب وحماية الوطن”.

الزعيم الشهيد مع رفاقه النبلاء الأوفياء قدموا أرواحهم ودماءهم فداءً للمبادئ الوطنية والقيم الجمهورية والمثل العليا، كعرف عربي أصيل، وتضحية بالغالي والنفيس دفاعًا عن الشعب وطموحه وآماله ومبادئه وخياراته ومنجزاته؛ في درب الأبطال العظماء الذين رفضوا كل الإغراءات والعروض، لأنهم وضعوا مصلحة الشعب فوق المصالح الذاتية، ورسموا بتلك التضحيات قدوة لكل الشرفاء والنبلاء والوطنيين المحبين لليمن الأصيل والعريق، والرافضين للثقافات الدخيلة، والأفكار والمعتقدات الكهنوتية، والأحقاد والضغائن التدميرية الظلامية.

لم تكن الانتفاضة رغبة مزاجية أو كفران بنعمة أو تقليد دراماتي كما حدث في نكبة ٢٠١١م؛ حيث خرج الآلاف من المغرر بهم إلى الشوارع وقطعوا الطرق وأخافوا السُّبُل واعتدوا على الجيش والأمن ومؤسسات الدولة ونقاط التفتيش في الوقت الذي كان أغلبهم موظفون ويستلمون رواتبهم بشكل منتظم قبل نهاية كل شهر، والدولة قائمة ومتكاملة واحدة موحدة، لها جيش وطني قوي ومؤهل، ومؤسسات راسخة تحتكم للدستور والقانون وتسير وفق استراتيجية مؤسسية وطنية مرتبطة بدواعي الأمن والاستقرار وأدوات التنمية المستدامة، ومتصلة بخطط البناء والتطوير والتحديث ومواكبة لكل جديد ومستجد في كل مجالات الحياة، وإن لم تكن بالمثالية المطلقة والمرجوة؛ إلا أنه كان متوائم مع الإمكانات المتاحة، وحكمة القيادة الرشيدة.

ومع ذلك خرجوا للشوارع، ودمروا كل شيء جميل؛ واستهدفوا قيادة الدولة في جامع الرئاسة بالتوازي مع إيذاء المواطنين في كل قرية وعزلة ومديرية ومدينة، وتعمد مخالفة القوانين، والتنادي بإسقاط النظام وصناعة الفوضى.

أين هم اليوم؟! لماذا لم يخرجوا بعد كل هذه الجُرع السعرية، والاحتكار الحوثي “للمال والسلطة والغذاء والوظيفة والدواء”؟! لماذا لم نر لهم أثر أو نسمع لهم خبر؟! الجواب واضح.. إنهم ضعاف وإمّعات وجبناء وحمقى وأغبياء.. تم استخدامهم واستغلالهم لتدمير النظام وتخريب منجزات الثورة والجمهورية ليكونوا أدوات بأيدي المليشيات اليمينية واليسارية “الحوثية والقاعدة” وسُلّمًا وجسرًا لعبور القوى الظلامية لتسيطر على مقدرات الدولة وتسوم الشعب أنواع العذاب.. الزعيم في أغلب خطاباته كان يحذر وينذر من كل هذه الكوارث والنكبات؛ لكن لم يسمع له إلا النزر اليسير؛ وركبوا الموجات التخريبية وأوصلوا البلاد لهذا الحال.

حتى آخر لحظة من عمره يدعو الزعيم الشهيد للحوار والتفاهم، ونبذ العنف وحقن الدماء، وتغليب المصلحة العامة، وترك الأمر للشعب عبر صناديق الاقتراع ليختار سلطاته بإرادته؛ كون الشعب مالك السلطة وحده وصاحبها؛ ولا يحق لأي قوة داخلية أو خارجية أن تفرض نفسها أو عناصرها أو أذيالها ليكونوا سلطة.. فها نحن نرى اليوم من أتوا للسلطة بقوة السلاح والعنف والتمرد؛ ومَن فرضتهم القوى الخارجية؛ فكلاهما لا ولاء وطني لديهم.. كل ما يهمهم فقط مصالحهم الشخصية ومكاسبهم النفعية واستغلال المناصب والنفوذ للإثراء والتكسب غير المشروع، مع التخريب الممنهج، والتهريب المستمر للآثار والتأريخ والتراث والخيرات؛ وإذلال الشعب وحرمانه من أبسط مقومات الحياة وضرورياتها.

انتفاضة الثاني من ديسمبر هي تحديث لثورة ٢٦ سبتمبر، ووصايا الزعيم الشهيد رحمه الله خارطة طريق للعمل الوطني النظيف الخالي من الأيديولوجيات المقيتة والشوائب اللاوطنية والأفكار والمعتقدات الدخيلة.. انتفاضة وثورة من أجل الشعب ومصلحة الشعب، وحفاظًا على الجمهورية والوحدة والنهج الديمقراطي، ومنجزات الآباء والأجداد التي ضحوا من أجلها بجهدهم واجتهادهم وعمّدوها بأرواحهم ودمائهم وأنفسهم ونفائسهم؛ إنه المنهج الذي يجب أن نستمر فيه ونحافظ عليه؛ وصايا الزعيم نبعت من قلبٍ حريصٍ صادق مؤمن بالله ومصلحة شعبه؛ متفقة تمامًا مع الشرع والعرف والحاجة والضرورة؛ لذلك هي أمانة واجبة التنفيذ والأداء.. الانتفاضة مستمرة لا تتوقف حتى النصر، وبالله التوفيق، ومنه العون والسداد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى