الحرية والاستقلال الوطنيان حاجة وضرورة

أ/ عمر الشلح.. رئيس تحرير الصحيفة.. افتتاحية العدد ٧١
اليمن ضحى بكمٍ هائلٍ من الشهداء رجالا ونساءً، ليرفرف علم الجمهورية عاليًا في السماء خفاقًا إلى الأبد.. كثير من أبنائه ضحوا بأرواحهم أو بعائلاتهم وفلذات أكبادهم لأداء مهامهم الوطنية بشجاعة وجسارة وإقدام.
مع استمرار الكفاح والنضال والصبر والصمود، وتحمل أعباء الحروب الداخلية والتدخل الخارجي، إضافة لضغوط الحصار وغلاء الأسعار، وشبه انعدام لــ”المياه الصالحة للشرب، والمواد الغذائية اللازمة، والأدوية” بجانب الغرق في الظلام لغياب الكهرباء عدا النزر اليسير غير المجدي.. مع كل ذلك وغيره يبحث الشعب اليمني باستماتة عن الحرية والاستقلال ونيل السيادة والحقوق كغيره من شعوب العالم.
نلاحظ بأن الأعداء يستخدمون التأثير الإعلامي الهائل والاحترافي أكثر من أي وقت مضى؛ بهدف خلق وعي عكسي لدى الجماهير؛ مثل تلميع العملاء والمجرمين وتصويرهم أمام الرأي العام بأنهم أبطال ودعاة تحرر وانتصار للمستضعفين وقضايا الأمة.. وهم بالعكس يتظاهرون بالعداء والخصومة بينما اجتماعاتهم لا تكاد تتوقف، وتعاونهم السلبي حثيث ودائب، ولم يعد خافيًا ما تقوم به العناصر والجماعات الخاربة التخريبية من خدمة ومساندة لأعداء الخارج في تطبيق المخططات الرامية لإضعاف الدولة وتدمير مؤسساتها، وتفتيت المجتمع والنيل من القيم والعادات الأصيلة والتقاليد والسامية والأعراف الحضارية العريقة والقوانين المعروفة والسائدة.
لا خروج من هذه الأزمات وتجاوز تلك المعضلات إلا بالاستقلال الذي يعني السيادة والإرادة والقدرة، ويعني أمن المواطن الشامل الذي يصون كرامته ويحقق رغباته ويحفظ ماله ووقته وجهده ويحترم إنسانيته ويمنع الاستهتار به وإذلاله؛ هذا الاستقلال هو ما يجب أن نسعى إليه كيمنيين قبل كل شيء.
يجرنا هذا الهدف إلى توضيح بداية مفهوم الاستقلال في الفكر السياسي المعاصر الذي ولد في معاهدة وستفاليا بأوروبا (1648)، التي أرست مفهوم الأمة/الدولة وارتكزت على مبدأين هما: سيادة الدولة على كامل إقليمها، وعدم تدخل الدول الأخرى في سلطان الدولة الداخلي مهما كانت المبررات.
وهذا يتناقض مع سلوكيات الاستعمار الحديث الذي يعني فرض السيطرة الأجنبية سياسيًا واقتصاديًا وثقافيًا على الدولة، مع الاعتراف الشكلي باستقلالها وسيادتها، وإلا فما الذي نراه من وضع بلادنا تحت الوصاية الأجنبية، وتحمُّل رموز الوطن للعقوبات الدولية غير الأخلاقية وغير المنطقية إذ لا مبرر لها على الإطلاق؛ في الوقت الذي يدار به مجلس الرئاسة كأحجار على رقعة الشطرنج أو دُمَى في روضة مكتظة بالمشرفين، وبالريمونت الخارجي تدار المليشيات بمختلف مسمياتها، بل وتُسخّر بعضها بإرادة ظلامية لضرب الاقتصاد الدولي وتهديد الأمن القومي والعربي والعالمي كالحوثية في مشكلات البحر والمضيق.
بوصلة الشعب اليمني وإطاره الارشادي وموجه إرادته يكمن في أهداف ثورته السبتمبرية العظيمة التي خطها في ١٩٦٢م، وحقق أغلبها من عمر دولته الحديثة، المتوجة بالوحدة، والموشحة بوصايا زعيم الشعب وقائده الشهيد/ علي عبدالله صالح، فبتطبيقها لزامًا تتحقق السيادة الوطنية وحتمًا يتحصل الاستقلال ومؤكدًا يتأتى النصر والسعادة والتقدم والرفاه، فلنعظ عليها بالنواجذ؛ ولنعد ابتكار وسائل جديدة وحديثة لتحقيق الأهداف بما يتواءم وحجم التهديدات والاستهداف، وثورة التكنولوجيا وسباق التسلح، وبالله التوفيق.