كتابات وآراء

افتتاحية العدد ٨١ من صحيفة التصحيح

افتتاحية العدد ٨١

يتساءل الباحثون كثيرًا عن الأمم المتحدة ودورِها في المجريات الدولية سلبًا وإيجابًا، وعن المهام الذي تضطلع بها مؤسساتها في خدمةِ الدولِ الأعضاء خاصةً، والإنسانية بشكل عام؛ وعن المعايير المتخذة في صنع واتخاذ القرارات، وأيضًا مدى قربها أو ابتعادها من العدالة ومكافحة الظلم والاستبداد، وترسيخ الأمن والسلم الدوليين من عدمهما.

تضمنت وثائقها بأنها منظمة دولية أنشئت بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية في عام 1945م من قِبَلِ ٥١ دولة وقَّعَتْ على ميثاق التأسيس؛ وتطورت على مر السنين لمواكبة عالم سريع التغير؛ تتكون إلى الآن من 193 دولة عضوًا؛ وتسترشد في مهمتها وعملها بالأهداف والمقاصد الواردة في الميثاق؛ فهي بحسب أدبياتها ودعواها: المكان الوحيد على الأرض يمكن لجميع دول العالم أن تتجمع معًا وتناقش المشكلات المشتركة وتجد حلولًا مشتركة تفيد البشرية جمعاء.

الأجهزة الرئيسة لها تتمثل بـ: الجمعية العامة، ومجلس الأمن، والرئاسة، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي، ومجلس الوصاية، ومحكمة العدل الدولية، والأمانة العامة.. مقرها الرئيس في نيويورك.. لها مكاتب رئيسة أيضًا في كُلٍ من جنيف، ونيروبي، وفِيينّا.. إضافة لهيئات فرعية ولجان إقليمية، وكيانات متفرِّعة، ووكالاتٍ متخصصة، ومنظمات تابعة ذات صلة، وصناديق وبرامج ومراكز دراسات وأبحاث وقطاعات متعددة.

يغطي عملها خمسة مجالات، هي: صون السلم والأمن الدوليين؛ وحماية حقوق الإنسان، وإيصال الإغاثة الإنسانية، وتعزيز التنمية المستدامة، واحترام القانون الدولي.

انضم الشطر الشمالي اليمني للأمم المتحدة في 30 سبتمبر1947م، والشطر اليمني الجنوبي في 14 ديسمبر 1967م، وبعد 22 مايو 1990م تم تمثيل اليمن الموحد عضوًا واحدًا فيها؛ بجانب عضوية اليمن في جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي وحركة عدم الانحياز؛ وقعت بلادنا على العديد من المعاهدات والبروتوكولات والاتفاقيات الدولية، وانضمت إلى معاهدة عدم انتشار أسلحة التدمير الشامل بأنواعها النووية والكيماوية والبيلوجية، ومكافحة الفساد والإرهاب والتطرف، والجريمة المنظمة، والتصحر، والمؤثرات العقلية، والملوثات العضوية الثابتة، ومناهضة التعذيب…

وبحكم عضويتنا تدخلت الأمم المتحدة كثيرًا في الشؤون الداخلية والصراعات البينية والنزاعات مع الغير في مواقف متعددة ومتباينة، ولها بصمات في العمل الإنساني والأنشطة الإغاثية وبقية أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر المعلن عنها لكن بنسب متفاوتة وضئيلة.

الشاهد بعد هذا السرد عن المنظمة الكونية العملاقة: أن شعوب العالم التي منها بلادنا تطمح لتطبيق العدالة في شؤونها العامة؛ خاصةً ما يتعلق بالقيمِ الإنسانية التي هي من صلب أهداف هذا التنظيم؛ ولكون الغاية تحديد العالم الذي يرثه الأطفال من خلال القيم المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة المتمثلة بــ: السلام والعدالة والاحترام وحقوق الإنسان والتسامح والتضامن.

اليوم: مطلوبٌ من الأمم المتحدة أن تقوم بوظائفها على الوجه الأكمل؛ بعيدًا عن الكيل بمعيارين، أو التماهي في أهداف ومصالح القوى الدولية العظمى والإقليمية، وتحقيق مبادئها وتعهداتها التي التزمت بها في المواثيق الموقع عليها والمعلن عنها؛ بموضوعية وحيادية وإنسانية وعدل.

يتساءل أبناء الشعب اليمني بحيرة عن نوعية تعامل الأمم المتحدة مع المليشيات الحوثية ونظيراتها في اليمن بشكل يتنافى مع الأهداف السامية؛ وعن العقوبات المفروضة على الزعيم الشهيد/ على عبدالله صالح وروحه بين يدي الله، وجسده تحت التراب؛ كذلك العقوبات المفروضة على نجله السفير أحمد؛ التي انتفت كل مبرراتها الكيدية، وتغيرت الأمور ميدانيًا بشكل عام، ولم يعد لها أي مسوغ، واستدامتها تنم عن ظلم واستبداد وعدم احترام لحقوق الإنسان، وتكبيل لكادر وطني مُتَمَكِّن، واستمرارًا لنهج الإقصاء المُتَعَمَّد، وتأخيرًا لـ”التصالح والتسامح وبناء السلام الشامل”.

فبقدر احترامنا لكل العهود والمواثيق والاتفاقيات الدولية، وتعاوننا التام في ترسيخ الأمن والسلم الدوليين؛ والتزامنا وتقيُّدنا بالقوانين المحلية والدولية؛ يجب أن يكون هناك نوع من تحقيق العدالة والإنصاف، والتمييز بين الصواب والخطأ، والجناة من الضحايا، والتفريق بين المخربين والبناة، وبين الصلحاء والأسوياء وغيرهم من الإرهابيين والطائفيين البغاة والظالمين.

كما يجب على كل أبناء الشعب الوقوف بجانب الحق، واليقظة من السبات، وعدم مجاراة ومداهنة الباطل، وترك الصمت عن الحقوق، والتحرك لما يخدم الأمن والاستقرار والتعايش والتنمية، والالتفاف بجانب الشرفاء والنبلاء المشهود لهم بالكفاءة والنزاهة والسلوك الحسن، والعمل بجدية والتزام لإنقاذ الشعب والوطن من التردي والضياع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى