كتابات وآراء

فعلت روبيمار ما لم تفعله صافر

واحدة من الثروات اليمنية المستهدفة من قوى الشر والطغيان بالنهب أو التعطيل أو هما معًا: الثروة السمكية والأحياء البحرية، ضمن سلسلة متدرجة من طوفان التخريب الذي تولت كبره أحزاب اللقاء المشترك ونظرائها من خارج الحدود وأروقة السفارات الأجنبية التي يؤرقها أمن واستقرار اليمن وتنميته وتقدمه وازدهاره.

كانت سفينة صافر بمثابة الكابوس والقنبلة الموقوتة المتوقع والمنتظر بخشية حدوث تسرب مخزونها النفطي في مياه البحر الأحمر؛ نظرًا لما سيمثله من كارثة بيئية تضر اليمن بشكل مباشر وتعم الدول المتاخمة لسواحل البحر الأحمر؛ وقدر الله أن تعالج مشكلتها بعد جهد جهيد من الصلحاء، ومماطلة خانقة من القوى المحلية والإقليمية والدولية المؤثرة والفاعلة، رغم غموض نتائج علاجها، وسرقة وضياع كمية النفط التي تحملها.

برقت الحقيقة لأذهان اليمنيين بأن الحوثي لا ولم ينصر غزة وفلسطين، وبأن أمريكا وبريطانيا لا ولم تحارب الحوثي؛ بل بالعكس التحرك السلبي الحوثي في البحر الأحمر بالألعاب النارية استغلتها إسرائيل ودفعت برعاتها ومموليها من دول الغرب لتكثيف الدعم عبر البحر الأبيض المتوسط بشكل أسرع وأقل كلفة؛ وأعطتها مبرر لإقناع الشعب اليهودي المحتل- والرافض لسياسة حكومته- ومن يسانده بأن إسرائيل مستهدفة، وأنها في خطر لتثبيت دعائم سياسة القتل والتخريب والإرهاب والاستيطان المستمر ضد الشعب الفلسطيني الشقيق؛ علاوة على الإضرار بالمصلحة الاقتصادية لدول المنطقة وارتفاع أسعار السلع المستوردة لصالح أباطرة التجارة الدولية الداعمين لإسرائيل.

أما أمريكا وبريطانيا فلم تستخدم أدنى مقوماتها العسكرية للحرب على الحوثي؛ بل تعطيه مبررات خديعة وتعمية الشارع اليمني والعربي وحتى الدولي لتصوره بأنه هدف، وأنه يضر بإسرائيل، وترفع من شأن خادمها المدلل بضربات صوتية محدودة ومحددة على بعض الجبال والتلال الخالية باتفاق مسبق، وغير ضار ولا مؤثر ولا فاعل.. بنفس التوقيت التي ترعى بمخابراتها تهريب الأسلحة والمعدات والآليات والمخدرات عبر البحار وصحراء الربع الخالي وطائرات الأمم المتحدة للمليشيات الحوثية خدمة له وترسيخًا لبقائه وإطالة لعمره.

المليشيات الحوثية تتفق مع قوى الاستعمار المعاصر، وتساعد في خلق بيئة مواتية لمشروع الشرق الأوسط الجديد، وتستمر في الإضرار باليمن ووحدتها واستقرارها وأمنها الاقتصادي والمجتمعي، وتشقق وتثقب وتفتح ثغرات وأبواب واسعة في سور السيادة اليمنية لصالح أسيادها الأجانب بوسائل وطرق مباشرة وغير مباشرة.

أحد مؤكدات ذلك: ما قامت به المليشيات الحوثية من استهداف سفينة البضائع السائبة روبيمار التي تحمل “2٢ ألف طن متري من سماد كبريتات فوسفات الأمونيوم” وهي مواد صلبة بلورية بيضاء اللون صيغتها الكيميائية NH4)3PO4)، ووزنها الجزيئي 149.09، قابلة للذوبان في الماء، تستخدم في صناعة الأسمدة الزراعية وفي مقاومة الحرائق، وتلوث الماء تمامًا بحيث لا يصلح للحياة، كونها شديدة السمية.. ولا يعلم حتى اللحظة حجم الأضرار البيئية الكارثية التي خلفها غرق هذه السفينة المشؤومة على الثروة السمكية والأحياء البحرية والاقتصاد اليمني ومعيشة وحياة الصيادين وهواة المأكولات البحرية، يقول الخبراء أن آثارها التدميرية ستستمر لـ٣٠ عامًا قادمة على الأقل.

يبقى الحوثي ومليشياته بمثابة العدو الأكثر ضررًا للشعب اليمني بنفسه وغيره، فقد أضر مباشرة بالشعب والوطن، وتسبب بالعدوان الإقليمي والدولي على اليمن، وفرط بالمؤسسات الرسمية والمنجزات الشعبية والسيادة الوطنية والقضايا العربية والإسلامية؛ وفتح على الشعب أبواب جهنم المتمثلة بالظلم والحرمان والجوع والفقر والمرض والحرب الإرهابية المستمرة والغامضة.

فها نحن على مشارف شهر رمضان الفضيل؛ ندعو به المليشيات التي تعبث باليمن إلى التوبة والإقلاع عن المعاصي والذنوب، وإرجاع الحقوق والأملاك لأصحابها، وجبر الأضرار، والتعاون في رعاية وحماية وخدمة الشعب وترميم منجزاته لعل الله يغفر ويعفو عما ارتكبوه من أوزار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى