حرائر عدن.. صوت النساء يعلو للمطالبة بالحقوق الأساسية

د/ جمال الحميري
شهدت مدينة عدن مؤخرًا مظاهرة نسائية حاشدة رفعت فيها نساء المدينة أصواتهن عاليًا للمطالبة بحقوق أساسية تُعد من أبسط مقومات الحياة مثل الكهرباء، والماء، والمرتبات، والصحة، والتعليم.
خرجت حرائر عدن في مشهد شجاع، يعبر عن حجم المعاناة والصبر الذي لم يعد له مكان أمام تدهور الأوضاع الخدمية والمعيشية.
ما طالبنا به ليس غريبًا أو استثنائيًا، بل هو انعكاس لمعاناة تعيشها كافة المحافظات المحررة في اليمن، إلا أن نساء عدن كسرن حاجز الصمت وكنّ في طليعة من عبر عن الألم والغضب المشروع. في ظل غياب واضح للحلول، وازدياد معاناة المواطنين يومًا بعد آخر.
جسدت هذه الوقفة النسائية صورة نضالية نادرة في المشهد اليمني، حيث بادرت المرأة بالدفاع عن حقها وحق أسرتها في العيش الكريم ونتمنى أن تستمر بنفس الوتيرة.
المظاهرة سلطت الضوء أيضًا على الأثر العميق للأزمات المستمرة على الفئات الأضعف في المجتمع، وفي مقدمتهم النساء والأطفال. فقد بات انقطاع الكهرباء وانعدام المياه وتدهور قطاعي الصحة والتعليم يشكل خطرًا مباشرًا على حياتهم اليومية.
هذه الوقفة النسائية في عدن لم تكن مجرد حدث عابر، بل كانت رسالة قوية إلى المسؤولين والمجتمع الدولي، تؤكد أن الشعب- نساءً ورجالًا- لن يصمت طويلًا أمام استمرار الانهيار، وأن المرأة اليمنية، التي لطالما كانت في مقدمة الصفوف في ميادين النضال، لا تزال حاضرة بقوة في رسم ملامح التغيير والمطالبة بالعدالة والكرامة.
لكن من المهم الإشارة إلى أن معاناة اليمنيين لا تقتصر على مناطق سيطرة الشرعية دون أخرى؛ فالشعب في المحافظات التي تسيطر عليها ميليشيا الحوثي يعاني أيضاً من القمع، والجوع، والفقر، وغياب الرواتب، وكبت الحريات. وغياب اسم الدولة.
الصورة العامة تشير إلى أن اليمنيين في جميع أنحاء البلاد يدفعون ثمناً باهظاً نتيجة فشل الشرعية في المحافظات المحررة وفي مناطق الانقلابين ميليشيا الحوثي، المعاناة تستدعي وحدة المطالب والضغط من أجل إنهاء الأزمة وتحقيق العدالة والكرامة لجميع المواطنين، دون استثناء واستعادة مؤسسات الدولة.
وأخيرًا وليس آخرا على نساء ورجال اليمن في كل محافظات الجمهورية الاقتداء بحرائر عدن والخروج بصوت واحد للمطالبة على الأقل بحقوقهم الأساسية التي غيبتها الشرعية تماماً متجردين من أي أهداف خارج هذا الإطار.
مقابل ذلك لم تترك مليشيا الحوثي في شمال الوطن أي مجال للحصول على الحقوق المشروعة والخدمات الضرورية حيث أصبح المواطن لا يجد لقمة العيش اليومية ناهيك عن الكرامة المهدورة والتضييق اليومي على الناس وغياب شكل الدولة وخلق أزمات من وقت لآخر من أجل استمرارها في الحكم عبر بوابة الفوضى.