إذا نظرت حولك في العمل، الجامعات، الشوارع، المتاجر وصالات الألعاب الرياضية ستجد الكثيرون يرتدون ساعات ذكية.. قد لا يمتلك أغلبهم ساعات من علامات تجارية مشهورة، ولكنهم في النهاية قرروا أن يستبدلوا الساعة التقليدية التي نعرفها منذ أكثر من 200 عام بأخرى تعمل بشاشة إلكترونية في أقل تقدير.
الاتجاه نحو الساعات الذكية بات رائجًا مع نهاية العقد الماضي، وهو أمر قد يبدوا منطقي مع تحول أي شيء نعرفه لجهاز جديد يحتوي على شاشة إلكترونية ويمكنه الاتصال بالإنترنت.. ولكن مع ارتفاع أسعار هذه الساعات وتحولها لجهاز يضاهي سعره أسعار هواتف كثيرة يجب أن نأخذ خطوة للوراء ونطرح تساؤلات كثيرة.. ماذا تقدم هذه الساعات؟ وهل هي ضرورية لهذا الحد؟ ولماذا كل هذا الإقبال عليها؟ وهل أنت حقًا بحاجة لشراء ساعة ذكية؟
بداية الساعات الذكية
لم تكن الساعات الذكية وليدة العقد الماضي؛ بل بدأ تطويرها منذ سبعينيات القرن الماضي؛ في هذا الوقت كان إطلاق حاسوب على شكل ساعة صغيرة كان بمثابة تطور كبير؛ لم يكن الغرض في النهاية هو جعل الساعة قادرة على عمليات معقدة لأن حجمها لا يسمح بذلك، ولكنها طُرِحت كمنتج جديد يمكنه القيام ببعض العمليات الحسابية كبديل للآلة الحاسبة أو نقل البيانات من جهاز لآخر.. استمر التطور لنصل لمطلع الألفية الثالثة حيث باتت الساعات الذكية قادرة على استقبال رسائل البريد الإلكترونية وإظهار التغير في قيمة الأسهم.
خلال هذه الفترة التي امتدت لأكثر من 30 عامًا لم تكن الساعات الذكية منتجًا رائجًا بين عموم الناس، بل كانت موجهة إلى فئة قليلة من الأثرياء أو العاملون في الأماكن الأكثر تطورًا وكانت على الأغلب أداة للإبهار أكثر من كونها أداة مفيدة.
ماذا تقدم الساعات الذكية الآن؟
اختلفت الساعات الذكية الآن عما كانت علية مع بداية الألفية حيث باتت لها مهام واضحة أكثر من كونها مجرد أداة للإبهار؛ يمكننا أن نقسم قدرات الساعات الذكية إلى 3 مستويات.. مستوى أساسي من القدرات ستجده في أي ساعة مهما كان سعرها ومهما كانت رخيصة؛ ومستوى متوسط متاح في الساعات متوسطة السعر وهي الأكثر انتشارًا؛ ومستوى متطور لا تجده سوى في عدد محدود للغاية من الساعات.
أولا: القدرات الأساسية للساعات الذكية
كثير من الساعات الذكية التي تراها هي مجرد تقليد لساعات ذكية أغلى، ولنكون أكثر دقة هي مجرد تقليد لساعات أبل الذكية إما من السلسلة الرئيسية لساعات الشركة أو مؤخرًا سلسلة ألترا.
هذه الساعات المنتشرة بشكل لا يمكن وصفه بين الناس وفي الأسواق والمتاجر الإلكترونية توفر في الأغلب الحد الأدنى من المميزات الأساسية والتي يمكن تلخيصها في النقاط التالية:
- إظهار الوقت.
- تخصيص شكل الساعة وخلفية الشاشة.
- إظهار الإشعارات الواردة للهاتف.
- حساب عدد خطوات السير على القدمين.
- ضبط المنبه.
- إيجاد الهاتف إذا اختفى في محيط الاتصال عبر البلوتوث.
هذه المهام ستجدها في كافة الساعات الذكية الموجودة على هذا الكوكب ومتاحة في ساعات يبدأ سعرها من 5 دولارات؛ قد ترى أنها بلا فائدة في الحقيقة، ولكنها توفر شيء أهم من كل ما سبقناه.. تلك الساعات في الأغلب تبدوا كالساعات الأغلى ثمنًا ولا يتم شراؤها في الأرجح إلا لهذا السبب.
ثانيًا: قدرات الساعات المتوسطة (الأكثر انتشاراً)
هذه الفئة من القدرات ستجدها في أغلب الساعات الذكية والأسورة الذكية (Smart Band) وهي قدرات باتت متاحة في الكثير من الساعات بأسعار تبدأ من 20 دولار وحتى 200 دولار تقريباً؛ في هذه الفئة تجد الكثير من الشركات المعروفة بمنتجاتها التي تحمل علامتها التجارية مع استمرار الساعات المقلدة، ولكن باختلاف كبير عن الفئة السابقة فحتى الساعات المقلدة تقدم جودة مقبولة على مستوى الخامات ونظام التشغيل؛ أهم ما تقدمه يتمثل بالآتي:
- إظهار الوقت.
- تخصيص شكل الساعة وخلفية الشاشة.
- إظهار الإشعارات الواردة للهاتف.
- استقبال المكالمات.
- الرد على المكالمات (إذا توافر ميكروفون).
- سماع التسجيلات الصوتية.
- التحكم في محتوى الميديا على الهاتف أو الأجهزة المتصلة.
- التحكم في كاميرا الهاتف (التقاط الصور أو الفيديو).
- التحكم في إعدادات الهاتف (الصوت، الاتصال عبر Wi-Fi، البلوتوث، تحديد الموقع، وضع استهلاك الطاقة، إلخ…)
- حساب عدد خطوات السير على القدمين وبعض التمارين الرياضية كالجري.
- ضبط المنبه.
- تتبع النوم.
- إيجاد الهاتف إذا اختفى في محيط الاتصال عبر البلوتوث.
- القياسات الصحية مثل (قياس نسبة الأكسجين في الدم وقياس عدد نبضات القلب في الدقيقة).
يمكنك بوضوح رؤية مهام الساعات الذكية الأكثر انتشارًا فهي مثل أداة تحكم لاسلكية في الهاتف فلا يمكنها القيام إلا بعدد قليل من المهام بصورة مستقلة.. احتياجك لهذه الفئة من الساعات يتوقف على مدى ابتعادك عن هاتفك، فإذا كنت شخص كثير التواجد في الاجتماعات أو الأنشطة الرياضية التي لا يمكن فيها استخدام الهاتف بسهولة فستكون الساعة وسيلة مفيدة بالنسبة لك.
إذا كان لديك رغبة عامة في امتلاك ساعة ذكية فهذه أيضًا أفضل فئة يمكنك استهدافها فسعرها مازال مناسبًا لملحق ثانوي بالهاتف وتوفر مجموعة جيدة من الأدوات التي ستشعرك بأنك امتلكت جهازًا جديدًا وليس مجرد قطعة لتزين بها معصم يديك.
ثالثًا: قدرات الساعات الذكية المتطورة
تجد هنا أفضل الساعات من أبل، سامسونج، جوجل، فيت بيت، هواوي إلخ… من الصعب أن تجد ساعات مقلدة أو حتى ساعات من علامات تجارية متخصصة في مجال الساعات.. تمتاز هذه الفئة بأنها تمتلك مجموعة من المميزات الخاصة تضاف إلى قدرات الساعات المتوسطة مثل:
- تحديد الموقع بشكل مستقل.
- الاتصال عبر الإنترنت من خلال e-SIM.
- الاتصال بالأقمار الصناعية.
- مقاومة المياه والغبار.
- متانة أكبر ضد الصدمات.
- قياس ضغط الدم.
- قياس درجة حرارة الجسم.
- التعرف على السقوط.
- التعرف على حوادث السيارات.
- الملاحة وتشغيل الخرائط.
- تخزين البيانات بصورة مستقلة عن الهاتف.
- إيجاد الأجهزة المفقودة (حتى وإن لم تكن متصلة بالساعة).
- إيجاد الساعة عبر الهاتف أو الأجهزة الأخرى.
- إجراء المدفوعات اللاتلامسية.
- قياس التمارين الرياضية (السباحة، ركوب الدراجات، ركوب الخيل، رفع الأثقال، إلخ…).
- تطبيقات ومتجر تطبيقات مخصص للساعة.
- الرد على الإشعارات.
هذه الفئة من الساعات تعتبر إضافة مهمة إذا كنت من الرياضيين المحترفين في هذا المجال أو ممن تمثل الرياضة جزء عام من حياتهم اليومية.. تعتبر تلك الفئة إضافة هامة أيضًا لكبار السن لما تقدمه من قدرات عالية على القيام بقياسات طبية دورية ويومية قد تمنع حدوث الكثير من المشاكل الصحية أو تدهور الحالة الصحية إذا كان المستخدم مصاب بالفعل بإحدى الأمراض.
يبدو أن الساعات الذكية لا تقدم طفرة كبيرة في الحياة اليومية للكثيرين؛ بل لن تقدم اختلاف يذكر إلا لفئة صغيرة.. هذا المنطق للأسف لا يمكن تطبيقه على هذا النوع من المنتجات، ليس لأن سعرها غير منطقي؛ بل لأن الساعات في الأساس لا يتم شراؤها بناء على وظيفتها.. يمكنك معرفة الوقت من ساعة الحائط، السيارة، الهاتف، التلفاز، الحاسوب أو أي شيء آخر فكل شيء حولك بات يحتوي على ساعة.
ساعات اليد وبالتحديد خلال المئة عام الأخيرة لا يتم شراؤها لوظيفتها إلا في أضيق الحدود، الغالبية العظمي تشتري ساعات اليد من أجل التفاخر أو كجزء من الزي وكإكسسوار.. دولة مثل سويسرا مثلًا تمتلك أكثر من 350 علامة تجارية متخصصة في الساعات، وتعتبر الساعات ثالث أكثر منتج تصدره الدولة، وتعد هذه الساعات من الأغلى والأكثر قيمة في العالم، ومع ذلك فإنها كلها تقوم بوظيفة واحدة وهي إظهار الوقت.