تفاؤل وترحيب بالعام الجديد ٢٠٢٤م

أ/ عمر الشلح
رحل عام مليء بكثير من الأتراح وقليل من الأفراح، كثير من المآسي والكوارث أما الأمنيات والطموحات فلم تكد ترى النور إلا أن الأمل لا يموت.. فالمعاناة تفتح الباب أمام الأمل، وتشكل نقطة البداية للتفكير في تحسين الأوضاع وبناء مستقبل أفضل؛ وتظهر قوة الإنسان الصامد أمام طوفان الصعوبات؛ المقاوم بعزة وإباء كل التحديات.
اليمن الحبيب لا يتخلى أبناؤه عن قناعاتهم ومعتقداتهم وحرياتهم وأصالتهم مهما قست الظروف، وضغطت عليهم النكبات والكبوات؛ بل تعززهم التجارب، وتصقل قدراتهم على التحمل والصبر الأيام، يتكيفوا مع التغيرات ولا يقبلوا إلا العزة والحرية والمجد والشرف والإباء، الأخيار فيهم أكثر من الأشرار، مهما طغى الباغون وتنمردوا واستأسدوا.
يأتي العام الجديد ٢٠٢٤م فاتحًا أبوابًا لفرص التحول والتجديد؛ ودفع الأحداث الصعبة للفرد والمجتمع، محفزًا لإعادة التفكير في الأولويات والمساهمة في بناء المستقبل الخالي من المليشيات والتخندق والصراع بالوكالة والتخريب، المليئ بالتعاون والبناء وجبر الأضرار وإعادة الإعمار والتعايش والسلام والإبداع والتنمية والابتكار.
زيادة الوعي الاجتماعي يحفز العمل الجماعي لتجاوز التحديات؛ ويعكس القوة الإنسانية والقدرة على التعافي في وجه الصعوبات؛ ويؤكد بأن اليمنيين يدركون تمامًا أنّ مصلحتهم في الجمهورية والوحدة والديمقراطية والسياسات الإيجابية داخليًا وخارجيًا، مع الحفاظ على المنجزات وتحصيل ونيل السيادة التامة، وعدم التبعية الخارجية لأي قوة كانت شقيقة أو صديقة؛ مع احترام القانون الدولي ومراعات حقوق الجوار، والندية في التعامل مع أعضاء الأسرة الدولية بما يحقق المصلحة العامة للشعب والوطن وحمايتهما وترسيخ الأمن والاستقرار.
نأمل أن يكون العام الجديد بداية لفتح الصدور المُوِدّة لبعض، تفتح في مطلعه آفاق حوار وطني حقيقي وجاد يشمل نبلاء صادقين ومؤثرين من كل القوى الوطنية والمكونات والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني، تناقش فيه القضايا الوطنية بموضوعية، وتفك فيه العقد والتعقيدات الناتجة عن المؤثرات الخارجية، وتقدم فيه المصلحة الوطنية على مصالح الأفراد والمكونات، والبداية بالأهم قبل المهم، يُنقَذ به حاضر ومستقبل الشعب الذي ضاقت به السبل وقلت بيده الحيل ويتجرع يوميًا أنواع الويلات والآلام.
الجانب السياسي تعالجه الديمقراطية، والاقتصادي يعالجه خبراء الاقتصاد والإدارة، والإنساني يتشارك فيه الجميع.. والأمن والاستقرار مهمة بالغة تضطلع بهما كل الجهات والمؤسسات الرسمية والخاصة، ويساندها كل أفراد المجتمع لتتحرك عجلة التنمية بتسارع يثمر الأفضل ويحقق الآمال والطموح الشعبي والوطني.
سعادة السفير أحمد علي عبدالله صالح تطرق في خطابه مطلع شهر ديسمبر لمقترحات ومبادرات وإشارات تفي بإيقاظ جميع القوى الوطنية، موضحًا ما يتوجب العمل به وعليه وطنيًا في ظل هذه الظروف المحلية والإقليمية والدولية وتأثيرها الواضح على مجريات وحال وحاضر ومستقبل اليمن.
بناء الدولة ليس بالأمر الهين، وليس بالصعب أو المستحيل؛ فقط يرتكز على ثلاث قواعد مهمة وحتمية تبدأ بالرؤية الشاملة التامة، ثم بالإرادة الصادقة لرسم استراتيجية وتكتيك تشغيلي لتطبيق الرؤية وتنفيذها بالتدريج والتدرج مع حسن الإدارة القائمة على التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة السابقة والمصاحبة واللاحقة للعمل.
إذا تجسد حب الوطن ورسخ في قلوب وعقول وأفئدة وألباب الجميع سنجد هذا العام الآتي مشرقًا وسعيدًا ومفتاحًا لمرحلة تلبي آمال وطموحات الشعب، وتخلق تحول ملحوظ نحو استعادة المجد والسؤدد والتنمية والتقدم والازدهار، وهذا ما نتمناه ونرجو الله أن يساعدنا في تحقيقه، فبه ومنه التوفيق وعليه وحده التوكل والركون.