كتابات وآراء

شرف الواجب ومتطلبات المسؤولية

التضحية في سبيل الله ثم الوطن وسلامة الشعب واجب شرف للجميع، وبالأخص من وهبوا أنفسهم وتحملوا المسؤولية، وتشبعوا بدستور الجمهورية التي تنص المادة التعريفية الأولى منه بأن الجمهورية اليمنية دولة عربية إسلامية مستقلة ذات سيادة، وهي وحدة لا تتجزأ، ولا يجوز التنازل عن أي جزءٍ منها، والشعب اليمني جزء من الأمة العربية والإسلامية.

وتنص المادة رقم (١٦٠): اليمين الدستورية التي يؤديها رئيس الجمهورية، ونائبه، وأعضاء مجلس النواب، ورئيس وأعضاء الحكومة، ورئيس وأعضاء مجلس الشورى، نصها كما يلي: “أقسم بالله العظيم أن أكون متمسكاً بكتاب الله وسنة رسوله، وأن أحافظ مخلصًا على النظام الجمهوري، وأن أحترم الدستور والقانون، وأن أرعى مصالح الشعب وحرياته رعاية كاملة، وأن أحافظ على وحدة الوطن واستقلاله وسلامة أراضيه”.. وللمادة رقم (١٢٨) نص يدركه الجميع.

ففي مرحلة حرجة واستثنائية كالتي نعيش بها في وطننا الحبيب، وتعشيها أمتنا العربية والإسلامية يحضر في أذهان النبلاء من أبناء اليمن القيمة التأريخية والحضارية والأبعاد الوطنية والقومية والدينية؛ وتصقل في كيانهم أرواح البُسلاء الأبطال الذين سادوا الدُّنا، وعمّروا الكون، ونشروا دين الحق والرحمة والسلام في كل الأصقاع بأرواحهم ودمائهم وتضحياتهم بأغلى ما يملكون.. والتأمل في الواقع المعاش وحال الشعب الذي استأمن الكبراء والمسؤولين على حاضره ومستقبله وشرف مجده وتأريخه.

العقد الاجتماعي الذي يضبط العلاقة بين الحاكم والمحكوم في نظام الجمهورية اليمنية يتضمن مواد دستورية ذكرنا أنموذج منها، باعتبار العقد شريعة المتعاقدين؛ وها نحن نسأل كل من تربعوا على كراسي المسؤولية وينسبوا لأنفسهم مناصب ومراتب الدولة: هل نفذتم القسم الذي قطعتموه على أنفسكم أمام الله ثم الشعب؟ أم ماذا؟!

الاستقامة تقتضي الإيثار.. ورعاية مصالح الشعب تقتضي الخدمة والحماية.. كما أن الحماية تعني دفع الضرر وصون الحقوق وحفظ الأرواح وحقن الدماء؛ وليس من معانيها: الحمق والغباء وجلب الخراب والتسبب في الدمار لأجل هوى الأنفس ونزغ الشياطين وإشباع الغرائز بالنهب والسلب والجبايات والقتل والتجويع وحرمان الشعب من الحقوق تحت مبررات واهية وشعارات لا تغني من جوع.

رسالة أوجهها للحوثي وعصابته لستم دولة، ولم يخولكم الشعب بالسلطة أو التحدث باسمه خصوصًا وأيديكم ملطخة بالدماء والحقوق، وإن وجد لديكم بقايا ضمير أو إنسانية أو أدنى شعور بمسؤولية تجاه الشعب فسلموا أنفسكم للجنة قضائية عادلة ضابطة من ذوي الكفاءة والنزاهة والاختصاص؛ وأعلنوا للعالم تخليكم عن سلطة الشعب للشعب، وتحكيمكم للشرع والقانون، حقنًا للدماء، ودرءًا للمفاسد التي جلبتموها، وتكفيرًا عما ارتكبتموه من جرائم؛ وإلا فلا مناص من الحتوف بمخلب نسْرٍ أو نابِ كلب قَرُبَ الزمان أو بَعُد.

ورسالة أخرى نوجهها للشرعية: ما هكذا ترد الإبل!، الشعب صاحب الشرعية ومانحها؛ نِلتم الاعتراف الدولي، وساقتكم الأقدار والظروف والأيام لتمثيل اليمن؛ فهل تجدوا في أنفسكم الأهلية؟! أرونا ماذا قدمتم للشعب! هل حقًا لديكم قرار وأنتم سلطة؟! فماذا يعني لكم دستور الجمهورية اليمنية؟! وأين أنتم من واقع البلاد؟! الخدمة والحماية وظيفتا الدولة؛ إن كنتم دولة فنفذوا ما أقسمتم به، ولا تخدعوا هذا الشعب المكلوم بانتظار وعودكم، أو الركون عليكم وأنتم بلا سلطة أو قرار.

يجب عليكم كشرعية إشراك النبلاء في إنقاذ الوطن لتشْرُفوا بشرفهم ويتولد لكم ماء وجه بعد كل هذا التردي والتَّهافُتِ والنكوص؛ فالقيادة فن والسياسة علم والمسؤولية أمانة والوضع لم يعد يحتمل المزيد.. لن تكونوا وحدكم إلا كما أنتم وأسوأ.. فبالتعاون من الخبراء والشراكة مع النبلاء وطي صفحات الولاءات الصغيرة واستدراك الأمر قبل الفوات سيكون الإنقاذ؛ فالشعب على يقين بوجود أكفاء كبار وقادة عظماء مجربين طالتهم يد إقصائكم بإرادة منكم أو بإجبار خارجي أو بسوء طوية ونية.. لذلك حان الوقت لتستيقظوا من الغفلة، فبأيدي الشرفاء ما ينقذ الوطن وينقذكم، وينتشلكم من حيث وُضِعتم أو استوضَعتم، حان الوقت فتملكوا الشجاعة ولا تترددوا، لأن الفرص لا تتكرر، والأوضاع تستدعي الترفع عن الصغائر، وبلسمة الجراح، وكبح جماح الأهواء، ونفض غبار الهوان.

اليمن ينتظر منكم جميعًا مواقف مشرفة؛ وإلا فاليمن وَلّادة؛ سيأتي غيركم حتمًا ولعنات التأريخ مع أوزار جناياتكم تطاردكم وذويكم في الدنيا قبل الآخرة، وستبوؤوا بخسران الدارين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى